وفقًا لدراسة أُجريت عام 2019 جاءت اليابان في المركز الـ 53 عالميًا من حيث إتقان اللغة الإنجليزية،
وهي مرتبة متأخرة بالنظر إلى التطوير المستمر للمناهج الدراسية في المدارس،
وتأكيد وزارة التعليم اليابانية على أن مهارات اللغة الإنجليزية مطلوبة بشدة من أجل امتلاك القدرة على المنافسة في بيئة الاقتصاد الحديث.
ورغم كل الجهود المبذولة لتحسين اللغة الإنجليزية لدى الشعب الياباني،
إلا أنه لا يخلو متجر كتب في اليابان من الكتب التي تتحدث حول فرادة اللغة والثقافة والهوية اليابانية،
والتي تكون بجانب رفوف كتب تعلم اللغة الإنجليزية، مما يجعل اليابانيين في حيرة بين الإيمان بأهمية اللغة اليابانية،
والحاجة إلى التواجد في عالم يتسم بالعولمة، تحمل فيه اللغة الإنجليزية أهمية كبيرة في كل المجالات.
وهناك العديد من العوامل التي كان من الممكن أن تجعل اليابان تأتي في مراكز متقدمة في تصنيف إتقان اللغة الإنجليزية،
من بينها أن الشركات متعددة الجنسيات تفرض التعامل باللغة الإنجليزية كلغة مشتركة بين الشركات في جميع أنحاء العالم،
كما احتلال الولايات المتحدة الأمريكية لليابان بعد الحرب العالمية الثانية استمر لنحو سبع سنوات.
وبالإضافة إلى ذلك دخلت العديد من الكلمات المستعارة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة اليابانية خلال القرن العشرين،
وانتشرت اللافتات واللوحات الإعلانية المكتوبة باللغة الإنجليزية في جميع أنحاء اليابان، وزاد أيضًا عدد المتحدثين باللغة الإنجليزية.
ورغم كل ذلك فإن الدراسات تشير إلى أن أقل من 30% من اليابانيين يستطيعون التحدث باللغة الإنجليزية باختلاف مستوياتهم،8% منهم يتحدثونها بطلاقة،
وهي نسبة ضئيلة مقارنة بألمانيا التي يتحدث نحو 60% من سكانها اللغة الإنجليزية، من بينهم 16% يتحدثونها بطلاقة.
أسباب تأخر اليابان في إتقان اللغة الإنجليزية
هناك العديد من الأسباب التي قد تفسر هذه الفجوة بين الحماس لتعلم اللغة الإنجليزية في اليابان، وبين عدد من يتقنون اللغة بالفعل،
ومن أبرز هذه الأسباب الاختلاف الكبير بين اللغتين الإنجليزية واليابانية.
ففي حين ترتبط اللغة الإنجليزية والألمانية ارتباطًا وثيقًا ببعضهما،
فإن اللغتين الإنجليزية واليابانية لديهما مفردات وأنظمة كتابة وبنية جمل مختلفة تمامًا عن بعضهما.
– يقول بعض المعلمون اليابانيون الذين يتحدثون اللغة الإنجليزية بطلاقة،
إنهم استغرقوا ما بين 4000 و5000 ساعة في دراسة اللغة الإنجليزية للوصول إلى هذا المستوى.
– في حين أنه يوجد في أوروبا ما يُعرف باسم الإطار الأوروبي المرجعي العام للغات، والذي يُستخدم في دراسة اللغات الأجنبية داخل أوروبا،
ويعتمد هذا الإطار على تحقيق إتقان كامل للغة الأجنبية في مدة تستغرق 1200 ساعة فقط.
كما يشير المعلمون اليابانيون إلى مشكلة أخرى تتسبب في ضعف اللغة الإنجليزية لدى الطلاب،
وهي أن دروس اللغة الإنجليزية تركز على تعليم الطلاب ما يساعدهم على اجتياز امتحانات القبول بالجامعات.
ولذلك تركز هذه الدروس على القواعد اللغوية وحفظ الكلمات بشكل كبير، وبالتالي يصبح الطلاب اليابانيون جيدين جدًا في القواعد اللغوية والمفردات،
لكنهم لا يستطيعون التواصل جيدًا باللغة الإنجليزية بسبب خوفهم من ارتكاب الأخطاء.
كما تشير العديد من الدراسات إلى أن النفور من المخاطرة الذي تتسم به الثقافة اليابانية،
مما يجعل الكثير من الطلاب اليابانيين مترددين وخائفين من تجاوز حدودهم، خاصة عند التحدث، وهو أمر ضروري لتعلم الإنجليزية
قلق من طغيان اللغة الإنجليزية
على الرغم من أن اليابان تأتي في مركز متأخر من حيث إتقان اللغة الإنجليزية، إلا أن بعض اليابانيين لديهم مخاوف من طغيان اللغة الإنجليزية على اللغة والأدب الياباني.
حيث أشارت الكاتبة اليابانية ميناي ميزومورا في كتابها “سقوط اللغة في عصر اللغة الإنجليزية” الصادر عام 2008، إلى أهمية التركيز على تعليم اللغة اليابانية،
وحذرت من اندثار اللغة اليابانية في ظل طغيان اللغة الإنجليزية.
فتقول ميزومورا إنه يجب على اليابان إنشاء قانون أدبي وطني، مشيرة إلى أن عددًا قليلاً من اليابانيين قادرون على قراءة الأدب الكلاسيكي الياباني.
ورغم خوف ميزومورا وغيرها من اليابانيين من طغيان اللغة الإنجليزية في الثقافة اليابانية، إلا أن هناك مقاومة كبيرة لدراسة اللغة الإنجليزية في اليابان.
كما أن معظم الأشخاص لا يحتاجون إلى اللغة الإنجليزية في حياتهم اليومية، لكن بالنظر إلى الواقع فلن يكون أمام اليابان خيار سوى تحسين مستوى السكان في اللغة الإنجليزية،
وإلا فإنها سوف تتخلف عن الركب في ظل السوق العالمي شديد التنافسية.
اقرأ أيضاً: